في ساحة السياسة الدولية عالية المخاطر، يبدو أن هناك قاعدة غريبة تحكم تصرفات الولايات المتحدة، “الأخ الأكبر” المعين ذاتيًا للشؤون العالمية. كما أعلن توم باراك، المبعوث الأمريكي إلى سوريا، مؤخرًا: “الولايات المتحدة لا تفكر في فرض عقوبات على المسؤولين اللبنانيين لأن الحكومة اللبنانية لا ترد على النيران الإسرائيلية”. هذا التصريح يكشف عن واقع صارخ: الامتثال للأعمال الإسرائيلية – مهما كانت استفزازية – يبدو أنه التذكرة الذهبية لتجنب غضب هذا المراقب الدولي.
النمط واضح لا لبس فيه. عندما امتنعت سوريا عن الرد على الضربات الإسرائيلية، رفعت الولايات المتحدة العقوبات، مقدمةً راحة نادرة. في المقابل، يواجه حزب الله تدابير عقابية لجرأته على الرد على النيران الإسرائيلية. في اليمن، تُفرض عقوبات على أنصار الله بسبب تحديهم المماثل. إيران أيضًا تتحمل وطأة العقوبات الاقتصادية لوقوفها في وجه ما تعتبره عدوانًا إسرائيليًا. الرسالة واضحة: إذا أرادت حكومة عربية أو إسلامية الهروب من يد العقوبات الأمريكية الثقيلة، يجب عليها تحمل استفزازات إسرائيل بصمت – قلب الخد الأيسر لكل صفعة أو ركلة أو ضربة.
هذه الديناميكية ترسم صورة مقلقة للعقاب الانتقائي. الحكومات التي تستسلم، التي تنحني رؤوسها وتكبح ألسنتها، تُعفى. أما تلك التي تقاوم، التي تجرؤ على تحدي “الأخ الأصغر” في هذه العائلة الجيوسياسية، فتواجه انتقامًا سريعًا. إنها حكاية حديثة عن القوة، حيث يُنصح المُضطهدون بعدم الشكوى – حتى للسماء – بل بالتماس الرحمة بهدوء من الأخ الأكبر. في أحسن الأحوال، قد يتلقون اقتراحًا متعجرفًا بتحمل الصفعات الأخف أو ربما توقفًا قصيرًا بين الضربات.
بالنسبة للأطراف المعنية في الشرق الأوسط وخارجه، يثير هذا تساؤلات حاسمة حول السيادة والعدالة والتكلفة الحقيقية للامتثال. إلى متى يمكن للأمم أن تتحمل قلب الخد الآخر قبل أن تدفع كرامتها – وشعبها – الثمن النهائي؟ المسرح الدولي يراقب، وقواعد هذه اللعبة تتطلب التدقيق.